*/

الرئيسية > دولية

هولاند: هذا هو «أفضل يوم في حياتي السياسية»

  • الجمعة 13 يوليو 2018 - 10:11

بعد أقل من سنة على مغادرته قصر الإليزيه الرئاسي، في حفل تسلم وتسليم “السلطة” لخلفه إيمانويل ماكرون، أصدر السياسي الاشتراكي ورئيس الجمهورية الفرنسية السابق، فرونسوا هولاند، كتابا تحت عنوان “دروس السلطة” les leçons du pouvoir، يسلط من خلاله الضوء على تجربته السياسية في فترة الأعوام الخمسة التي قضاها في سدة الحكم. كتاب هولاند الجديد “دروس السلطة” الصادر عن “دار ستوك”، تضمن استعادة مفصلة لولاية الرئيس الفرنسي السابق، التي انتهت بأن أصبح أول زعيم فرنسي في التاريخ الحديث لا يسعى لإعادة انتخابه وتجديد ولايته، والأجدر بالذكر أن هولاند أوضح في مقدمة الكتاب الذي استهله بالتفاصيل والمشاعر الذي رافقته خلال الساعات الأخيرة لمغادرته الإليزيه، (أوضح) أنه اتخذ قرار إصدار هذا الكتاب، بالضبط يوم حفل تسليم السلط، ولعله يحاول من خلال هذا الكتاب “التفسير والتبرير وقول كل شيء، قبل أن تنسب له أشياء.. والتاريخ لا يرحم”.

انتصار مقابل الحب والامتنان المالي
بعد بضعة أسابيع على النصر الكبير الذي حققته فرنسا في قلب صحراء مالي، وتمكنها من وقف زحف قوات المسلحين الإسلاميين بالشمال في اتجاه جنوب البلاد، حيث يتواجد أغلب الرعايا الفرنسيين، حل هولاند بالعاصمة التاريخية تومبوكتو التي كانت تحت قبضة احتلال الجهاديين رفقة الرئيس المالي، ديونكوندا تراوري، حيث قاما بزيارة مسجد تاريخي ومركز حفظ المخطوطات القديمة الثمينة. “بسعادة غامرة تجولنا الشوارع المشمسة، في اتجاه الأضرحة الحجرية الحمراء، التي دمرها الإسلاميون إلى حد كبير، اطلعنا على المخطوطات النادرة، التي تحمل في طياتها حكمة يكرهها هؤلاء المتعصبون، إنه دين التسامح”.
ما أثار عاطفة الرئيس الفرنسي، وشد انتباهه هو الاستقبال الحار وغير المتوقع الذي حظي به من ساكنة المنطقة الذين تجمهروا في الساحة الرئيسية لتومبوكتو لتقديم الشكر لفرنسا، وهم يرقصون على أنغام الموسيقى التي كانت محظورة أثناء احتلال المجموعات الإسلامية للمدينة، “فريقي الأمني شعر بالقلق، مخافة أن يكون الجهاديون قد دسوا بين الناس امرأة أو طفلا يحمل سترة متفجرة، ومع ذلك شعرنا أن هؤلاء الناس لا يكنون سوى مشاعر المحبة والخير والامتنان تجاهنا، لقد عانوا من كل شيء، قطع أيدي، إعدام، مراقبة، إرهاب يومي.. واليوم رأوا بأم أعينهم المسلحين المقاتلين باللون الأسود يرحلون، فيما رئيس الجمهورية الفرنسية بعيد عنهم جغرافيا ولكنه أقرب إليهم وحاضر معهم.”
بالنسبة لهولاند، القرار الذي اتخذه بوقف الزحف الإسلامي، غير الفكرة السائدة في مالي وإفريقيا عموما عن الجمهورية الفرنسية، التي كانت تعتبر “متغطرسة وتتسم بالسلطة الأبوية”، واستطاع مد جسر الحب والامتنان بين مالي وفرنسا، “سيدة مالية ألقت بنفسها علي وعانقتني طويلا، وهي تصرخ شكرا فرنسا، غنينا وضحكنا ورقصنا، هذا الابتهاج سرقني من نفسي ودفعني لتجاهل قواعد السلامة الأمنية، تصرفت على سجيتي، فمالي معنا وجدت سلامتها وكرامتها، إنها تتحرر وبهذه المناسبة عانقني الرئيس تراوري وهو يردد ممازحا أنت أكثر شعبية مني في بلدي”.
بعد تومبوكتو انتقل هولاند بمعية الرئيس المالي في اتجاه باماكو على متن طائرة عسكرية، مرت فوق رمال الصحراء الإفريقية، التي سحرت الرئيس الفرنسي الذي انغمس في التفكير في مدى خطورة بعض البشر على التوازن الطبيعي، “كان الرئيس المالي آنذاك يلعب دور المرشد وهو ينظر من النافذة، يشرح لي خفايا السياسة المالية، حيث الصحراء هي أرض كل التقاليد”.

هولاند معجب بالإسلام المالي
هولاند عبر عن إعجابه الكبير بالإسلام المعتدل الذي يعتنقه الماليون، فبالنسبة له هو “دين مسالم، لكنهم محاصرون من قبل أتباع عبادة القرون الوسطى، ولا تستطيع وحدتهم إخفاء التناقضات بين الشمال والجنوب.. سلطة باماكو تسعى لإفساح المجال للقبائل حيث يتم تكريم كل رئيس بلقب إداري.. وهذا ليس كافيا لتخفيف التوتر والمطالب المشروعة”. مالي خلال هذه الفترة لم تتخلص من التشنجات، فاتفاق السلام بالكاد يدخل حيز التنفيذ عن طريق عملية “بارخان”، “ولكن في هذا التاريخ تم إبعاد القتلة الإسلاميين إلى أقصى الحدود في جبال الشمال، ويطاردهم الجنود الماليون والتشاديون والنيجيريون والفرنسيون.. وسوف تسفر الانتخابات بعدها للحكومة الشرعية الديمقراطية التي دمرها انقلاب مارس 2012.” يقول هولاند، الذي يعترف أيضا في كتابه “دروس السلطة” لأول مرة، إنه تخلى عن الخطاب الذي كتبه رفقه مستشاريه وكان يفترض أن يلقيه، ليختار مخاطبة الناس بطريقة عفوية معتمدا على أحاسيسه ومشاعره، “تدخل تاروري بخطاب مؤثر في قمة البلاغة، أنا ارتجلت خطابي متأثرا بالحماس الجامح للناس المحيطين بي، أشدت بالجنود الماليين، الذين ساعدوا فرنسا مرتين، هذا التدريب المجيد الذي سميناه القنص السنغالي”.
“أنا هنا لتكريم هذا الدين المزدوج”، هذه العبارة التي أوردها الزعيم الاشتراكي في خطابه، اخترقت قلوب الماليين بشكل مباشر، خاصة وأن كل شخص من الحاضرين له أب أو جد ضحى بحياته في ساحات المعارك في أوروبا القديمة، ليضيف قائلا: “هذا أسعد يوم في حياتي السياسية”، هذه الجملة التي تخطت حدود الجغرافيا المالية لتحدث صدمة في فرنسا، استغلها بعض معادي هولاند لمهاجمته، الأمر الذي لم يعره هولاند اهتماما في قوله، “في فرنسا نرى أن المباحثات الوطنية أو انتخابي كرئيس تستحق أكثر من غيرها هذا الفخر كله”.
وبالنسبة للرئيس السابق، فرنسا أثبتت أنها قادرة على العمل دون دافع خفي دون أن يكون هناك اهتمامات ثانوية، “وهدفها الوحيد هو ضمان أمن منطقة ما وخدمة قضية عادلة، القرار المتخذ في غضون دقائق قليلة في مكتب الإليزيه المطلي بالذهب يغير مصير شعب ما ويشير إلى انتصار للديمقراطية على البربرية.
كمية الفرح والبهجة اللذان شعر بهما آنذاك، لم تنسه أسر وعائلات الجنود الفرنسيين الذين أزهقت أرواحهم في مالي، “بعد أيام قليلة، ذهبت إلى الكوماندوز، حاولت مواساة الأسر والعائلات التي فقدت ذويها، الرجال الذين فقدناهم مثل رفاقهم، ويعملون في سرية تامة بعيدا عن الأعين والأضواء، والأوسمة، يعرضون أنفسهم للخطر للقيام بمهماتهم السرية.. وحتى في موتهم تبقى السرية سيدة الموقف، “لم يعرف أحد هوية هؤلاء العملاء الشجعان.. إخفاء الهوية يرافقهم إلى النهاية.. و في بعض الأحيان لا يكتشف أحباؤهم دورهم إلا في لحظة المأساة التي تصيبهم”.

اقرا أيضا

عبر عن رأيك

الآن تيفي

المزيد


استفثاء

ما هي نوعية المواضيع االتي تفضلون قرائتها على موقعكم شيشاوة الآن

التصويت انظر النتائج

جاري التحميل ... جاري التحميل ...