“أولاد بالسباع”..مسار قبيلة صحراوية تجاوزت حدود المغرب
إذا كان المفكر والمؤرخ المغربي عبد الله العروي يقول إن “كل بلد ينتمي كليا أو جزئيا قديما أو حديثا إلى عالم العروبة والإسلام لا تفهم أوضاعه إلا بالرجوع إلى الذهنية القبلية”، فإن هذه المسألة تنطبق، إلى حد كبير، على قبائل الأقاليم الجنوبية للمملكة، والتي تجد لها امتدادا جغرافيا في كل من موريتانيا والجزائر، وقد يمتد إلى مالي والسنغال.
جريدة هسبريس الإلكترونية، وفي إطار سلسلة رمضانية، ستسلط الضوء على عدد من القبائل الصحراوية: تاريخها وعاداتها وتقاليدها، وحتى أسباب تسمياتها، من خلال قراءة كتب أصدرها مؤلفون حول هذه القبائل، أو الحديث إلى باحثين ومؤرخين على دراية بتاريخ هذه المجموعات البشرية.
وفي أولى حلقات هذه السلسة، نتحدث عن قبيلة “أولاد بالسباع”، وذلك من خلال كتاب “دينامية القبيلة الصحراوية في المغارب بين الترحّل والإقامة” للباحث المغربي محمد دحمان، والذي يسلط أضواء على تاريخ هذه القبيلة وامتدادها الجغرافي، بالإضافة إلى دينامية تطورها، مع اختلاف الحقب الزمنية بين حقبة السعديين والعلويين، وحتى بعد دخول الاستعمار.
يقول محمد دحمان إن “أولاد بالسباع” تميزوا بالانتشار الواسع عبر بلدان المغارب، وتجاوزوا هذا الحيز الجغرافي نحو السودان الغربي وبلدان المشرق العربي، “ومن خاصيات هذه المجموعة أنها جمعت بين الانتماء للنسب الشريف وحمل السلاح وممارسة التجارة العابرة للصحراء بين المغارب (المغرب وموريتانيا والجزائر) والسودان (مالي والسنغال)”، يضيف دحمان.
وفيما ظهرت في قبيلة “أولاد بالسباع” شخصيات علمية ومشايخ صوفية انتشروا في مناطق داخل المغرب كسوس والشياظمة ودكالة وعبدة والغرب، والجزائر وتونس وحتى في ليبيا، تذكر المصادر التاريخية أن منطلقهم كان هو الساقية الحمراء، كما تسجل تلك المصادر حضورهم الفعال في فترات حاسمة من تاريخ المغرب من خلال الإسهام في مقاومة الاحتلال البرتغالي على الشواطئ المغربية، بالإضافة إلى المشاركة في مقاومة الحملة الفرنسية التي قادها نابليون بونابارت نهاية القرن الثامن عشر على مصر، وذلك بقيادة الجيلالي بن المختار السباعي.
وتعتبر هذه القبيلة من المنتمين إلى الشرفاء الأدارسة المتفرعين عن جد عامر الهامل “أبي السباع” الذي استقر في بلاد سوس بعد رحلة طويلة من فاس إلى المشرق العربي ثم العودة إلى منطقة درعة وسوس؛ حيث ترك أبناءه الذين سيشكلون النواة الأولى لهذه المجموعة الاجتماعية، هؤلاء سيمارسون الترحال ما بين حوز مراكش وسوس وبلاد شنقيط، وسيقيمون بمناطق مختلفة من المغرب، لعل أهمها: حوز مراكش وعبدة ودكالة وواد نون والساقية الحمراء وتيرس ثم بلاد شنقيط.
وجمعت القبيلة بين ممارسات اجتماعية واقتصادية لا تتوفر في عدد من القبائل الأخرى، كحمل السلاح (أهل المدافع) وحمل الكتاب (أهل لكتوب/الزوايا) وهما رأس السلطة، لكن مع “أولاد بالسباع” فنحن أمام مجموعة امتهنت الممارستين وتنتمي لـ”الأشراف”، كما أن ترحالها تعدى حدود البلد الواحد؛ حيث يقول الحسن بن الطيب بوعشرين: “كان أولاد أبي السباع في الزمن الأول من أمتن الناس دينا وعلما وأدبا وحفظا وصيانة وشجاعة وفروسية، وكان ذلك مغروزا في طباعهم حتى النساء، وكان الحسن مقصورا عليهم، وكان الناس يضربون الأمثال بحسنهم وصفاء أذهانهم”.
وكان للجد الجامع لقبيلة “أولاد بالسباع” عامر الهامل سبعة من حفدته. وبحسب مصادر تاريخية، فقد استشهدوا ضد الغزو البرتغالي للسواحل الصحراوية بمنطقة الساقية الحمراء؛ حيث يوجد مزارهم بجوار ضريح الشيخ سيدي أحمد العروسي على الضفة اليسرى لوادي الساقية الحمراء شمال غرب مدينة السمارة، فيما ذهب الباحث الفرنسي دولا شابيل إلى القول إن طرد البرتغاليين عن السواحل الصحراوية راجع إلى السباعيين، كما أن السبعة سقطوا في معركة الضابط البرتغالي المسمى محليا بـ”الشمصعي” وفي الكتابات الغربية بـ”Somida”.
أما بخصوص علاقة السباعيين بالسلطة المركزية، فترجع أول علاقة لهم كمجموعة اجتماعية وكأرباب زوايا دعت إلى الجهاد، إلى عصر الدولة السعدية؛ حيث كانوا من ضمن المجموعات البشرية التي رافقت السلطان أحمد الأعرج. ويقول صاحب كتاب “تحفة الأحقاب”: “يبدو أن السباعيين الذين صاحبهم السلطان أحمد الأعرج من الصحراء على فرقتين أولاد عمران وأولاد أعمر، فأولاد عمران أنزلهم في ضواحي مراكش وفي عهد المنصور الذهبي أبعدوا إلى بوجمالة، وأولاد أعمر أسكنهم أبو العباس الأعرج في تغسريت”.
وفي عهد المنصور الذهبي أبعدوا وشتتوا في المناطق المغربية، وأصبحت تغسريت فارغة. ولذلك كانت علاقة السباعيين بالسلطة السعدية في مد وجزر نظرا لحركيتهم المجالية ونبذهم الركون إلى المدينة وتحمل الوظائف والتكاليف المخزنية؛ حيث ظلوا في ترحُّل ما بين الحوز والصحراء، كما أن علاقتهم مع الدولة العلوية قد عرفت هي الأخرى حالة من المد والجزر.
المصدر:
اقرا أيضا
عاجل.. سائق شاحنة “بيكوب” مخمور يدهس عنصري أمن بالسد القضائي لشيشاوة
حزب الاستقلال يدعو الى احداث نواة جامعية ودعم الفلاحين والصناع التقليديين وتأهيل الأحياء ناقصة التجهيز بإقليم شيشاوة
حزب بركة يعقد دورة مجلسه الإقليمي العادية تحت شعار “تعبئة شاملة لحزب الاستقلال من أجل الوطن والمواطن”
الذكريات الوطنية وأبعادها التربوية والشرعية في ترسيخ قيم المواطنة موضوع ندوة علمية بالزاوية النحلية
شرخ داخل حزب التجمع الوطني للأحرار بجماعة كماسة بإقليم شيشاوة بسبب تصويت ثلاثي على إقالة نائب الرئيس
تغطية الأولى للندوة الوطنية:”دور الفعاليات المدنية والأكاديمية في الترافع من أجل قضية الوحدة الترابية” بسيدي المختار
البرلماني الاستقلالي آيت أولحيان يترافع من أجل إخراج مشروع النواة الجامعية بشيشاوة إلى حيز الوجود
الدكتور الغالي يفكك من شيشاوة جدلية الولاء بين القبيلة والدولة ويؤكد قدرة الملكية في المغرب على ضمان استمرارية اللحمة الداخلية للأمة المغربية
السليمي من شيشاوة.. الإقليم بماهياته التقليدية في العلاقات الدولية متجاوز الى ثقله الروحي والمغرب ماض في كسب الرهان تجاه عمقه الإفريقي
- أخبار المغرب
- رياضة
- منوعة
- العثور على فلاح مشهور جثة هامدة بضيعته الفلاحية وسط صدمة أسرته و معارفه
- امتيازات ضريبية وشراكات عسكرية تدعم تحقيق المغرب للسيادة الدفاعية
- هذا نص خطاب الملك محمد السادس
- الملك يقرر إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بشؤون الجالية المغربية بالخارج
- عودة ترامب للرئاسة تعزز التحالف الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة
- الملك محمد السادس: هناك من يستغل قضية الصحراء لتصريف مشاكله الداخلية
- وفاة عيسى حياتو رئيس الكاف الأسبق في باريس عن عمر ناهز 77 عاما
- أولمبياد باريس.. المنتخب الوطني لكرة القدم يظفر بالميدالية البرونزية بتغلبه على نظيره المصري في مباراة الترتيب (6-0)
- العداء سفيان البقالي يهدي المغرب ميدالية ذهبية في أولمبياد “باريس 2024”
- المنافسة الأولمبية لكرة القدم .. المغرب يهزم العراق ويتأهل إلى ربع النهائي
- فوزي لقجع يكشف سبب إقالة حاليلوزيتش واختيار الركراكي لقيادة منتخب المغرب
- انتخاب حسن لحلو رئيسا لجمعية التنمية الرياضية بإقليم شيشاوة
- بمناسبة عيد العرش المجيد، حفل التميز بمديرية التعليم شيشاوة: تكريم للجهود وتحفيز على الابتكار8
- مؤسسة الخط بشيشاوة تحتضن امتحانات شهادة السلك الإعدادي فئة الأحرار – دورة يوليوز 20248
- المغرب ضمن أفضل الوجهات خلال 20248
- 2.6 مليون مصلّ ومُعتمر بالمسجد الحرام ليلة 27 رمضان8
- الوقاية من حوادث السير وتمليك ثقافة الاستعمال السليم للفضاء الطرقي محور ورشة تحسيسية احتضنتها ثانوية الإمام البخاري التأهيلية بشيشاوة8
- هل تحركت الأرض في تركيا 3 أمتار للغرب بعد الزلزال؟8