تدشينا لولايته الثانية، نظم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لقاء افتتاحيا قدم فيه الأعضاء الجدد، الذين يتجاوز عددهم 90 عضوا؛ ضمنهم خبراء ومتخصصون وممثلون عن مختلف الهيئات.
وقال الحبيب المالكي، الرئيس الجديد للمجلس، في تصريح للصحافة، إن هذا اللقاء الافتتاحي يأتي من أجل التعارف بين الأعضاء والمساهمة في خلق جو الثقة بين الجميع؛ وهو ما يتطلب نوعا من المداومة والصبر.
وأضاف المالكي: “أنا متفائل، وآمل أن يتكلل هذا المجهود الذي يبذل من طرف كل الفئات الممثلة داخل المجلس بالنجاح”، مشددا على أن “النفس داخل المجلس يساعد على الاستماع إلى كل الآراء ونحن بحاجة إلى نقاش ديمقراطي وعميق حول مستقبل الأجيال”.
وفي كلمته أمام أعضاء هذه الهيئة الاستشارية المستقلة التي أحدثت بموجب الفصل الـ168 من الدستور والتي تكمن مهمتها في إبداء الرأي في كل السياسات العمومية والقضايا ذات الطابع الوطني التي تهم ميادين التربية والتكوين والبحث العلمي، أشار المالكي إلى خطاب الملك محمد السادس الموجه إلى القمة السادسة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي يوم الجمعة 18 فبراير من السنة الجارية، مؤكدا أنه “مناسبة للتأكيد على أهمية التعليم في القارة الإفريقية وأولوية ضمانه، والتركيز عليه، وذلك للنهوض بأوضاع هذه القارة، واعتباره رهانا أساسيا حتى بالنسبة للشراكة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي”.
وأشار المالكي إلى أن ما خلفته الجائحة في العالم، بما في ذلك إغلاق المؤسسات التعليمية، يفرض تأمين استمرارية التعليم مع مراعاة السياق الجديد للتحول الرقمي في قطاع التعليم. وأوضح أن هذا المطلب العام يكتسي أهمية حيوية في إفريقيا، التي تمثل فيها الأجيال الجديدة دون سن العشرين نسبة 50 في المائة من مجموع سكانها.
وأضاف الرئيس الجديد للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أن الملك أكد على أهمية التنسيق بين المجلس والقطاعات الحكومية والمؤسسات المعنية، ملحا على ضرورة مواكبة المجلس لأوراش إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي باعتباره مؤسسة استشارية تقدم آراء استشارية واقتراحية تستقيها من التقارير والتقييمات والدراسات التي تقوم بها في إطار الاختصاصات المخولة لها بموجب الدستور والقانون مستثمرة خزان المعرفة العميقة التي راكمتها خلال المرحلة الفارطة ومعبئة الخبرات الوطنية الوازنة من أعضائها وكفاءاتها وخبرائها الوازنين.
وتابع المالكي: “لا بد أن كل واحدة وكل واحد منا يستشعر، في هذه اللحظة، حجم الرهانات التي يعقدها الملك على مجلسنا وحجم انتظارات مجتمعنا للنهوض بالمدرسة المغربية والارتقاء بمنظومتنا التربوية. ويُدرك مدى جسامة هذه المهام، وما تستلزمه من كشف المكتسبات ومكامن العجز وتحديد التحديات التي يجب رفعها لتحسين جودة التربية والتكوين في المستقبل؛ وعلى رأسها الانفتاح على اللغات الإنسانية بكل آفاقها الكونية ومدخراتها الحضارية والثقافية، في أفق الرهان الوطني الدائم على الانفتاح على الآخر وتقوية سبل الحوار والتعاون”.
هذه المهام تستلزم، حسب المالكي، “التجرد من الأنانيات القطاعية والانغلاق السياسي أو الذاتي والانتصار لقيم الحوار والتوافق والعقلانية والحس الجماعي لمعالجة قضايا المدرسة المغربية وإعطائها الأولوية في حواراتنا ونقاشاتنا آخذين بعين الاعتبار أننا نتحمل مسؤوليات تاريخية وأخلاقية ونؤدي واجبا تربويا وعلميا وفكريا وثقافيا وتقنيا بالأساس، ولسنا في معرض المنافسة أو التسابق السياسي أو الإيديولوجي أو الاجتماعي بل نحن هنا – معا سويا – لنتحاور، ولنتكامل، ولننصت لبعضنا البعض ولنبلور الأفكار والمقترحات والتوصيات بروح جماعية، وبحس وطني وروح خلاقة”.
وتابع رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي: “ليس لدي أدنى شك في أنه بمقدورنا تحقيق كل الغايات والتوجيهات، لاسيما بفضل تركيبة مجلسنا التي تجعله زاخرا بصفوة من الخبراء والفاعلين في الحقل التربوي بالخصوص والمجتمعي عموما؛ مما يجعله فضاء أمثل للنقاش الكفيل بإذكاء التفكير العلمي والاستراتيجي في القضايا التي تدخل في نطاق مهامه”.