الدكتور بنطلحة يكتب: وتلك حكاية أصحاب السياسة الرعناء

من مكر الصدف والتاريخ، أن يتولى تدبير شؤون الحكم، عجزة فاشلون، تقلدوا النياشين وفق حكايات معروفة، وشخص حكواتي، مهووس بالخرافة والدجل والحديث عن البطولات العنترية الوهمية.

وبناء عليه تتخذ القرارات بارتجالية وانفعالية غير محسوبة العواقب والنتائج، لعل آخرها، القرار الجزائري بشأن التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون المبرمة مع اسبانيا منذ أكتوبر 2002، نظرا لموقف مدريد الداعم لمبادرة الحكم الذاتي للصحراء المغربية.

لقد توهموا أن باستطاعتهم التدخل في الشؤون السيادية للدول، بل حتى تغيير مجرى الشمس والتاريخ..!! إنهم القوة الضاربة التي لاتقهر، قبلة الشهداء وأحرار العالم و..و..العديد من الأساطير.

في الجانب الآخر، كان الرد صادما وحازما على هذه التصرفات الرعناء، إذ ردت الحكومة الإسبانية بحزم على هذه الأفعال الصبيانية معربة عن رفضها لأي سياسة تدخلية في مواقفها السيادية، حيث أكد وزير الخارجية الإسباني “خوسي مانويل ألباريس” في تصريح للصحافة أن “رد مدريد سيكون مناسبا، هادئا، وبناء، لكن أيضا سيكون حازما في الدفاع عن مصالح اسبانيا”.

كما أعرب الاتحاد الأوربي عن قلقه البالغ ازاء الخطوة الجزائرية الأحادية الجانب التي تشكل انتهاكا لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوربي والجزائر.

ومن جهته، استنكر البرلمان الأوربي الابتزاز الجزائري لإسبانيا ودعا لرد حازم لإجبار “الجنرالات” على الالتزام بالاتفاقيات التجارية.

وصرح كبيرا الديبلوماسيين في الاتحاد الأوربي “جوزيب بوريل” ونائب المفوضية “فالديس دومبروفسكيس” في بيان مشترك بأن “الاتحاد الأوربي مستعد للوقوف ضد أي نوع من الإجراءات القسرية المطبقة ضد دولة عضو في الاتحاد الأوربي”.

هكذا وجدت القوة الضاربة نفسها قد وقعت في شر أعمالها، وأن إجراءات اقتصادية وسياسية صارمة سيتم اتخاذها في حقها، فبدأت البعثة الجزائرية لدى الاتحاد الأوربي، وبطريقة مضحكة ومخجلة، تنفي القيام بأي قيود تجارية جزائرية على المنتجات الإسبانية، وأنهم ملتزمون بامدادات الغاز..واستمرار الشراكة.. بينما بلع إعلامهم لسانه، حيث كان يتشدق وهو يحاور جوقة من التافهين، أن القوة الضاربة لن تتراجع عن موقفها الردعي وأنها ملتزمة بمناصرة حق تقرير المصير.

طيب، وأنتم تشربون لبن السباع مع الجيران، نخبركم بأن في أوروبا وحدها أزيد من خمس وثلاثين حركة انفصالية تطلب تقرير المصير، فماذا أنتم فاعلون؟ وبأن القارة الافريقية تحبل بالعديد من مثل هذه الحركات في كينيا واثيوبيا ونيجيريا مرورا بجنوب إفريقيا أفلا تناصرون؟

لقد أرغيتم وأزبدتم حين تم ذكر قضية جمهورية القبايل، وها نحن نخبركم أن رئيس بلدية كيبيك الكندية استقبل مؤخرا “فرحات مهني” بعد أن وجه له دعوة رسمية وتباحث معه عن آخر التطورات كما قام بتهنئته على إطلاق دستور جمهورية القبايل، والمرور إلى مرحلة النضال السلمي، وأن العديد من المدن الفرنسية والأوربية تشهد تجمعات لتأييد الدستور القبايلي…فهل ستسحب القوة الضاربة سفيرها من كندا وفرنسا مثلا؟ وهل ستقوم قبلة الأحرار بعدم تصدير التكنولوجيا الجزائرية لمثل هذه الدول، وهل من حصار اقتصادي وغذائي ستقومون به؟

إننا نضع أيدينا على قلوبنا، خوفا على أشقاء لنا، جراء سياستكم المتهورة والرعناء…ومادام الشيء بالشيء يذكر، أتعلمون أن تعريف أرعن في معجم المعاني يدل على أحمق وأهوج، وأن الرعونة نزق وطيش، وأننا في هضاب دكالة والشاوية، نطلق لفظ “رعواني” وهي كلمة تدل على النزق والخفة والتهور وعدم التدبير الجيد للأمور، ياجماعة “ارعاوين”.