فنان أمازيغي من امنتانوت يروّض أنامل أمريكيين على عزف الموسيقى المغربية
يشتغل فتاح عبو، الفنان الأمازيغي المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، على تعريف بنات وأبناء “العمّ سام” بالثقافة المغربية، والأمازيغية خاصة، من خلال الموسيقى. وتمكَّن فتاح، بفضل إصراره وأناته وجَلَده، من ترويضِ أنامل مجموعة من الأمريكيين على مداعبة أوتار الآلات الموسيقية المغربية. كما روّض حناجرهم وألسنتهم إلى أن أصبحت تؤدّي مقاطع من الأغاني الأمازيغية.
من هنا كانت البداية
وُلد فتاح عبو في بلدة أسيف إسكساوان بإمي نتانوت؛ وبعد إتمام مراحل التعليم الأوّلي والإعدادي والثانوي، انتقل إلى مدينة مراكش لاستكمال مشوار التعليم العالي في جامعة القاضي عياض، حيث حصل على شهادة الإجازة في الأدب الإنجليزي.
شغفُ ابن إمي نتانوت بالموسيقى ابتدأ مُذْ كان صغيرا؛ فقدْ جرّب بدوره، كغيره من أبناء القرى الأمازيغية، أن يصنع آلة “لُوطار”، من وعاء زيْت محرّك السيارات، مُختَرق بعود خشبي تستوي عليه أوتارٌ هي في الأصل أسلاكُ فراملِ الدراجات النارية.
حين غادرَ فتاح عبو بلدته الصغير بإمي نتانوت، ترَك خلفه “لوطارَه” الصغير؛ لكنّه حمَل معه عشْقَ الموسيقى إلى جامعة القاضي عياض، وهناك سيلتقي بصديق له يُدعى محمد أولوف، المتحدر من ورزازات، كان بدوره عاشقا للموسيقى، وكانا يعزفان معا.
بعد حصوله على الإجازة، يَمّمَ فتاح عبو وجهه شطر الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدا إلى ولاية كاليفورنيا، وفي بلاد العمّ سام سيلتقي فتاح بصديقه محمد أولوف، الذي سبقه إلى هناك، فأنشأ الاثنان معا مجموعة موسيقية اختارا لها اسم AZA، ثم افترقا، ولكنَّ عشق الموسيقى ظل لصيقا بابن إمي نتانوت.
حين وصل فتاح عبو إلى الولايات المتحدة الأمريكية استرعى اهتمامه أمْر جعله يقتنع بأنَّ الموسيقى يُكمن أن تلعبَ أدوارا أكبر من الاستمتاع بها، وهو أنّه يمكن أن تكون وسيلة لتعريف الأمريكيين، الذين تتشكّل تركيبتهم من خليط من المهاجرين، بالثقافة المغربية.
“لقد لاحظتُ، حين قَدِمتُ إلى الولايات المتحدة الأمريكية أنَّ كثيرا من المغاربة المقيمين هنا ينحصرُ طمُوحهم فقط في العمل، ثم العودة إلى “البْلاد” في العطلة الصيفية، في حين أنّه يمكن القيام بأشياء كثيرة لفائدة الثقافة المغربية هنا”، يقول فتاح في تصريح لهسبريس.
عقبات البداية
لمْ يحتفظ ابن إمي نتانوت بالملاحظة التي استرتْ انتباه، بل سعى إلى أن يجعل من نفسه نموذجا مختلفا؛ وكانت خطوته الأولى صوبَ المجلس الثقافة لمدينة سانتاكروز، حيث يقيم، وقدّمَ مشروعا ثقافيا وفنّيا، حصَل على دعْم مالي من المجلس لتنفيذه.
المشروع الثقافي، الذي قدمه فتاح عبو إلى المجلس الثقافي لمدينة سانتاكروز، كان عبارة عن مهرجان دامَ نصفَ يوم للتعريف بالثقافة المغربية، كالطبخ والموسيقى والعادات والتقاليد، من خلال استضافة أساتذة جامعيين وباحثين من المغرب ومن شمال إفريقيا.
الإقبال الكبير، الذي لقيه المهرجان الذي نظمه فتاح عبو، مكّنه من الحصول على الدعم في السنة الموالية من المجلس الثقافية لمدينة سانتاكروز، ونالَ دعما ثالثا.. ولكيْ يستمر الدعم طلبَ منه مسؤولو المجلس أن ينشئ إطارا جمعويا؛ لكنَّ ذلك تعذّر، بسبب قلّة المغاربة الموجودين في المنطقة حيث يقيم، فتوقّف المهرجان قَسْرا.
بالرغم من توقف المهرجان، بعد انقطاع دعم المجلس الثقافي لمدينة سانتاكروز، فإن حُلم فتاح عبو بإقامة “جِسْر ثقافي” بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية عبر دعامات الفنّ لم يتوقف. وهكذا، بدأ مشروعا صغيرا، عبارة عن ورشة لتعليم الموسيقى المغربية، وخاصة الأمازيغية، للأمريكيين.
من داخل قاعة صغيرة في بيت ابن إمي نتانوت انطلق المشروع، وكانت البداية بخمسة أمريكيين، ثم بدأ المشروع يكبر شيئا فشيئا، إلى أن صار عدد الأشخاص الذين يحضرون إلى بيت فتاح عبو لتعلّم قواعد الموسيقى المغربية عشرين شخصا، تختلف أعمارهم، ويوحّدهم شغف اكتشاف ثقافة لا يعرفون عنها إلا القليل.
لم يكن تلقين أسس الموسيقى المغربية للأمريكيين سهْلا، لكن فتاح آل على نفسه كَسْب هذا التحدي، وساعده على ذلك اهتمام “تلاميذه”. يقول “ليس سهلا أن تعلّم الأمريكيين الموسيقى المغربية، ولكن مع توالي الحصص بدأت العوائق تذلل، وما ساعد على نجاح مهمتي هو أنهم مواظبون على الحضور، ومجدّون بشكل لافت”.
“سفير ثقافي”
علاقة الأمريكيين الذين يقصدون بيت فتاح عبو لتعلم الموسيقى المغربية لم تقتصر علاقتهم بالمغرب عند هذا الحد؛ بل إنّ رغبتهم في سبر أغوار الثقافة المغربية جعلتهم يزورون المملكة، في رحلات ثقافية يصحبهم فيها “معلّمهم”، يزورون خلالها عددا من المدن المغربية، ويلتقون فنانين مغاربة، من أجل التعرف على الموسيقى المغربية أكثر.
“إحدى الشابات الأمريكيات التي دأبت على الحضور إلى الورشات الموسيقية التي أنظمها رافقتنا في زيارة إلى المغرب، فأعجبت به، والآن تزوره مرتين في السنة، وتمكث فيه عدة أسابيع، وتتحدث الأمازيغية بشكل جيد”، يقول فتاح، الذي قضّى في الولايات المتحدة الأمريكية تسعة عشر عاما.
ويضيف أن هدفه الأساسي من تنظيم رحلات ثقافية لفائدة الأمريكيين إلى المغرب، فضلا عن تعريفهم بالثقافة المغربية، هو كسر تلك الأفكار المسبقة السائدة لديهم عن المجتمع المغربي. ويوضح المواطن المغربي: “منهم من يعتقد مثلا أن المرأة المغربية لا تستطيع الخروج من البيت، وأنا أترك لهم حرية طرح أي سؤال يريدون، وأترك الأجوبة معلقة إلى حين قدومهم إلى المغرب، حيث يَرَوْن واقعا مختلفا تماما عمّا كانوا يعتقدونه”.
وبالرغم مِن أهمية العمل الذي يقوم به في التعريف بالثقافة المغربية في بلاد العم سام، وقيامه “بعمل لا تقوم به حتى السفارات”، كما يقول، فإن فتاح عبو لا يتلقى أي دعم من أي جهة مغربية رسمية، بالرغم من مراسلاته الكثيرة لهذه الجهات، مشيرا إلى أنه زار المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ونوّه مسؤولون بالعمل الذي يقوم به؛ “لكن حين تصل الأمور إلى مسألة الدعم يتوقف كل شيء”.
حين يصحب فتاح عبو الأمريكيين إلى المغرب، يحرص على أن يفتح أمامهم هامش حرية الخوض في كل المواضيع، الفكرية والثقافية وحتى السياسية، ونتيجة ذلك هي أن نظرتهم إلى المجتمع المغربي تتغير بعد الاحتكاك بأفراده، خاصة في ظل كرم الضيافة الذي يتحلى به المغاربة، “فهم يرحّبون بضيوفهم بما لديهم، ولو كان قليلا، وهذا ما يشجع أمريكيين آخرين على القدوم إلى المغرب بعد أن ينقل إليهم من سبقوهم إليه صورة جيدة عنه”، يقول ابن إمي نتانوت باعتزاز.
عن هسبريس الالكترونية
اقرا أيضا
الشرطة القضائية بشيشاوة تقود حملة تطهير وتوقف مروجا للماحيا بالخريبات
عاجل.. سائق شاحنة “بيكوب” مخمور يدهس عنصري أمن بالسد القضائي لشيشاوة
حزب الاستقلال يدعو الى احداث نواة جامعية ودعم الفلاحين والصناع التقليديين وتأهيل الأحياء ناقصة التجهيز بإقليم شيشاوة
حزب بركة يعقد دورة مجلسه الإقليمي العادية تحت شعار “تعبئة شاملة لحزب الاستقلال من أجل الوطن والمواطن”
الذكريات الوطنية وأبعادها التربوية والشرعية في ترسيخ قيم المواطنة موضوع ندوة علمية بالزاوية النحلية
شرخ داخل حزب التجمع الوطني للأحرار بجماعة كماسة بإقليم شيشاوة بسبب تصويت ثلاثي على إقالة نائب الرئيس
تغطية الأولى للندوة الوطنية:”دور الفعاليات المدنية والأكاديمية في الترافع من أجل قضية الوحدة الترابية” بسيدي المختار
البرلماني الاستقلالي آيت أولحيان يترافع من أجل إخراج مشروع النواة الجامعية بشيشاوة إلى حيز الوجود
الدكتور الغالي يفكك من شيشاوة جدلية الولاء بين القبيلة والدولة ويؤكد قدرة الملكية في المغرب على ضمان استمرارية اللحمة الداخلية للأمة المغربية
- أخبار المغرب
- رياضة
- منوعة
- العثور على فلاح مشهور جثة هامدة بضيعته الفلاحية وسط صدمة أسرته و معارفه
- امتيازات ضريبية وشراكات عسكرية تدعم تحقيق المغرب للسيادة الدفاعية
- هذا نص خطاب الملك محمد السادس
- الملك يقرر إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بشؤون الجالية المغربية بالخارج
- عودة ترامب للرئاسة تعزز التحالف الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة
- الملك محمد السادس: هناك من يستغل قضية الصحراء لتصريف مشاكله الداخلية
- وفاة عيسى حياتو رئيس الكاف الأسبق في باريس عن عمر ناهز 77 عاما
- أولمبياد باريس.. المنتخب الوطني لكرة القدم يظفر بالميدالية البرونزية بتغلبه على نظيره المصري في مباراة الترتيب (6-0)
- العداء سفيان البقالي يهدي المغرب ميدالية ذهبية في أولمبياد “باريس 2024”
- المنافسة الأولمبية لكرة القدم .. المغرب يهزم العراق ويتأهل إلى ربع النهائي
- فوزي لقجع يكشف سبب إقالة حاليلوزيتش واختيار الركراكي لقيادة منتخب المغرب
- انتخاب حسن لحلو رئيسا لجمعية التنمية الرياضية بإقليم شيشاوة
- بمناسبة عيد العرش المجيد، حفل التميز بمديرية التعليم شيشاوة: تكريم للجهود وتحفيز على الابتكار8
- مؤسسة الخط بشيشاوة تحتضن امتحانات شهادة السلك الإعدادي فئة الأحرار – دورة يوليوز 20248
- المغرب ضمن أفضل الوجهات خلال 20248
- 2.6 مليون مصلّ ومُعتمر بالمسجد الحرام ليلة 27 رمضان8
- الوقاية من حوادث السير وتمليك ثقافة الاستعمال السليم للفضاء الطرقي محور ورشة تحسيسية احتضنتها ثانوية الإمام البخاري التأهيلية بشيشاوة8
- هل تحركت الأرض في تركيا 3 أمتار للغرب بعد الزلزال؟8