اعتبر أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن عدم نشر علماء دينيين في بلدان إسلامية أخرى الحجج التي قدمها نظراؤهم من العلماء الدينيين المغاربة في دحض دعاوى الإرهاب سببه “خوف الأولين من الإرهابيين ومن لفّ لفّهم”.
وفي ندوة نظمها المجلس العلمي الأعلى، اليوم الأحد في الرباط، حول موضوع “العلماء ورسالة الإصلاح في المغرب الحديث”، شرح التوفيق المقصود من “من لف لفهم” بأنهم “من يعتقدون في قرارة أنفسهم ويتكتمون أن الإرهاب مرادف للجهاد الشرعي”.
وشدد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، في محاضرته المعنونة بـ”شرط اعتبار الأحوال في دعوة العلماء إلى الإصلاح”، على أن هذا الالتباس في الفهم هو “معضلة العلماء المسلمين في هذا العصر”.
وتابع الوزير التوفيق: “لو اعتبرنا أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت دولة إسلامية تملك ما تملكه من قوة الحرب، وليست في مواجهة الصين أو روسيا، لتساءلنا: هل علماء اليوم سيفتون بأن يجبر بقية الناس بالتهديد حتى يكونوا مسلمين؟”.
وأكد المتحدث نفسه أنه “لا يجوز أن ينتج العلماء مثل هذه الوثائق ويوزعوها على نطاق واسع لتصل إلى كل من في القرار الكبير والصغير بالبلد، وتحديداً السياسيين الحكوميين والحزبيين والنقابيين والفاعلين الاقتصاديين”، لافتاً الانتباه إلى أن “العلماء في مواضيع (سبيل العلماء/السلفية) يتوجب عليهم أن يحاوروا المنتمين للسلفية وكل المشككين في مؤسسة العلماء”.
وأورد التوفيق: “الإصلاح حاضر قطاعياً، سواء سياسياً أو اقتصادياً أو دينياً أو اجتماعياً وتربوياً. وقد عرفت كل الأديان عبر التاريخ إصلاحات، دارت جلها حول ثلاث نقاط همت الخلاف حول قراءة النصوص، ومسألة الملاءمة مع تغير الأحوال، والانتفاض ضد فساد المؤسسات الدينية”.
وأردف الوزير بأن “مفهوم الإصلاح المتعلق بالإنسان مغاير تماماً لإصلاح المؤسسات السياسية والاجتماعية”، مبيناً أن “الأخيرة قد لا ينجح فيها الإصلاح في النهاية”.
وزاد التوفيق: “طموح العالم الديني للإصلاح في الشأن العام يتطلب منه الإدراك الضروري لفقه السياسة، باعتباره أعلى درجات فقه المعاملات، ومن جهة خلو الدعوة والداعي من شهوة النفس (خشنها ودقيقها)، واتباع أسلوب قوله تعالى لموسى وأخيه هارون: (اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً ليناً)”.
كما شدد المسؤول الحكومي على أن “المؤسسة العلمية بالمغرب التي يرأسها أمير المؤمنين، الملك محمد السادس، تحظى برعايته وحرصه على توقير العلماء، إذ تنعم بالاستقلالية التامة إزاء باقي المؤسسات”، مضيفاً: “في وقت يدعو أمير المؤمنين للاجتهاد في مسائل الدين؛ نجده حامياً صارماً في ما هو قطعي”.